بدأت وسائل الإعلام الإيرانية، الخاضعة لرقابة السلطات، بتوجيه "انتقادات حذرة" لبشار الأسد عقب انتشار صور الانتهاكات الوحشية في السجون السورية بعد سقوط نظام دمشق، مشيرة إلى احتمال تعرض إيران لـ"مصير مشابه" إذا استمرت حالة الاستياء الشعبي.
وقال ناصر إيماني، السياسي والصحافي المحافظ، لموقع "رويداد نيوز": "الدرس الذي يجب أن نستخلصه هو التأكد من أن شعبنا لا يفقد الأمل في المستقبل ولا يملّ من ظروف البلاد".
ورغم تأكيده على أن "وضع إيران يختلف تمامًا عن سوريا"، فإن إيماني شدد "على أهمية مراعاة الرأي العام".
جدير بالذكر أنه لطالما أشاد المرشد علي خامنئي ببشار الأسد باعتباره شخصية رئيسية في "محور المقاومة"، وظل يدعمه بلا تردد. ولذلك فإن أي انتقاد علني للأسد أو دعم إيران له قد يُعتبر تحديًا لمواقف خامنئي، ما يعرّض وسائل الإعلام والشخصيات العامة لعواقب وخيمة.
وقد تجلّت هذه الحساسية عندما حذف عدد من الشخصيات العامة والمعلقين الإيرانيين منشوراتهم النقدية بعد وقت قصير من سقوط الأسد، في خطوة يُعتقد أنها جاءت تحت ضغط من الأجهزة الأمنية الإيرانية.
وفي تعليق نشره الموقع المحافظ المعتدل "عصر إيران"، أُرجع سقوط الأسد جزئيًا إلى مؤامرات خارجية، لكنه أشار أيضًا إلى فشله في كسب دعم شعبه. وحذر المقال من تجاهل الرأي العام، قائلاً: "أخطر وأفدح خطأ يمكن أن ترتكبه حكومة هو إغفال مطالب الشعب وآرائهم".
إيران تواجه أزمات داخلية وخارجية
وتتعامل طهران مع العديد من التحديات، بما في ذلك الانهيار الاقتصادي الناتج عن العقوبات الدولية، والهجمات الإسرائيلية على حلفائها، وتدهور العلاقات مع أوروبا، وازدياد السخط الداخلي بسبب الفساد والانتهاكات الحقوقية.
في الوقت ذاته، تتزايد المطالب بالحريات السياسية والاجتماعية، بينما يدفع المتشددون في البرلمان نحو قوانين مثيرة للجدل، مثل تشديد قانون الحجاب، الذي يراه حتى بعض المحافظين والمرجعيات الدينية خطوة ضارة في ظل الظروف الحالية.
مقارنات من المواطنين
على الرغم من الرقابة، تعكس التعليقات المنشورة على المواقع المحافظة شعورًا متزايدًا لدى الإيرانيين بالتشابه بين سقوط الأسد والأوضاع الراهنة في بلادهم. فقد أظهرت تعليقات على موقع "ألف" شكوكًا حول الاعتماد فقط على القوة العسكرية والقدرات النووية.
وقال أحد المعلقين، في رأي نال تأييدًا واسعًا: "قوة أي دولة تكمن في شعبها، وليس في قدرتها العسكرية أو أسلحتها النووية". وكتب آخر أن الحرب الأهلية في سوريا وما نتج عنها من دمار كان يمكن تجنبهما لو أن الأسد تبنى إصلاحات سياسية وشمل جميع الأطراف السياسية في الحكومة قبل عشرة أو خمسة عشر عامًا.
وقد نال هذا التعليق دعمًا كبيرًا، ما يعكس اتفاقًا واسعًا بين القراء.
ويبدو أن الرسالة واضحة أن تجاهل إرادة الشعب قد يؤدي إلى عواقب لا رجعة فيها، وهي رسالة تحمل أهمية خاصة لإيران في هذه المرحلة الدقيقة.